التنظيم القانوني لسلامة الغذاء في مصر


الحق في الحصول على غذاء آمن و نظيف الإنسان هو من حقوق الإنسان الأساسية التي تضمنتها المواثيق والعهود الدولية، لذلك لم يكن غريباً علي الدستور المصري تكريس هذا المبدأ، إذ نص دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام 2014 المعدل في عام 2019 في مادته رقم (79) على حق المواطن في الحصول على غذاء صحي وكاف، وماء نظيف وألزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة، كما كفل الدستور السيادة الغذائية بشكل مستدام وتضمن الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي وأصناف النباتات المحلية للحفاظ على حقوق الأجيال.

ومن أجل تحقيق هدف الحفاظ على صحة المواطن المصري قامت الحكومات المتوالية على سن العديد من التشريعات وإيلاء أدوراً هامة لجهات مختلفة من أجل مراقبة سلامة الغذاء، فعلى سبيل المثال سنت التشريعات الآتية:

القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع الغش والتدليس، المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، القانون رقم 132 لسنة 1950 بشأن الألبان ومنتجاتها، القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، القانون رقم 684 لسنة 1954 بشأن تنظيم تداول الخبز ونقله. القانون رقم 685 لسنة 1954 بشأن تنظيم نقل اللحوم، القانون رقم 44 لسنة 1955 في شأن إجراءات الحجر الصحي، القانون رقم 257 لسنة 1956 بشأن تنظيم صناعة وبيع المثلجات،  قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 33 لسنة 1957 في شأن الباعة المتجولين، القانون رقم 10 لسنة 1966 في شأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها، القانون رقم 53 لسنة 1966 بشأن إصدار قانون الزراعة.  

وأناط بتطبيق هذه القوانين وإنفاذها 17 جهة رقابية على منظومة الغذاء موزعة على عدة وزارات منها الزراعة والتجارة والصحة والداخلية والتموين والإسكان، غير أن تعدد هذه القوانين وتداخل أعمال الجهات القائمة على تطبيقها أدى إلى مفارقة تحقيق عكس المهمة المرجو منها، إذ تشير بعض المصادر الحكومية إلي أن 90% من الغذاء غير مراقب، وأن هناك 80% من الأغذية مجهولة المصدر، وأن الغذاء الفاسد في مصر كلف اقتصاد الدولة 19% من موازنتها لعلاج الأمراض الناتجة عن هذه الأطعمة.

وبالرغم من أنه يتم تحرير الآف المحاضر سنوياً بضبط منتجات منتهية الصلاحية وأخري مجهولة المصدر وأخرى غير صالحة للإستخدام الآدمي وغيرها مما تحتوي علي غش، إلا أن التجربة أثبتت عدم قدرة النظام متعدد الجهات في الرقابة على سلامة الغذاء على مواجهة تحديات سلامة الغذاء.

لذلك تم إنشاء هيئة متخصصة معنية بتحقيق متطلبات سلامة الغذاء بما يكفل الحفاظ على صحة الإنسان ويحقق التوافق مع المعايير العالمية لسلامة الغذاء المبنية على الأسس العلمية وتقييم المخاطر ويستند إلى التوعية والتواصل مع المستهلكين متداولي الغذاء والمنتجين كنظام وقائي.

فصدر القانون رقم 1 لسنة 2017 بإصدار قانون الهيئة القومية لسلامة الغذاء، ونصت المادة الثالثة منه على اختصاصاتها وعددهم في ستة عشر إختصاص، غير أن اختصاصها العام وفق نص المادة الثانية من القانون هو أن تتولى دون غيرها الإختصاصات المقررة للوزارات والهيئات العامة والمصالح الحكومية ووحدات الإدارة المحلية فيما يخص الرقابة على تداول الغذاء في التشريعات ذات الصلة بسلامة الغذاء.

وبالرغم من مرور حوالي خمس سنوات على إنشاء الهيئة إلا أن الكثير من التحديات تواجه نجاحها في مهمتها مما يستلزم الكثير من الجهد والتخطيط من أجل نجاح منظومة سلامة الغذاء في مصر.